النبي يعلن بأن خلفائه الشرعيين كنفسه تماما
قال تعالى : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) لقد أجمعت الأمة على أن رسول الله عندما خرج للمباهلة خرج ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة ، وأنه لم يشرك بهذه المباهلة أحدا من المسلمين سواهم ( 2 ) .
فالأبناء هم الحسن والحسين ، والنساء فاطمة ، والأنفس هم النبي وعلي ، وفي مشهد آخر قال النبي لما انصرف من الطائف في خطبة له : ( والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ، ولتؤتن الزكاة ، أو لأبعثن عليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليكم وليسبين ذراريكم ، ثم أخذ بيد علي وقال : هذا هو ( 3 ) .
وفي واقعة أخرى جلى رسول الله الصورة عندما بلغه أن بني المصطلق
( 2 ) صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل علي ج 2 ص 360 وج 5 ص 179 بشرح النووي ، وصحيح الترمذي ج 4 ص 239 ح 3085 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 150 ، ومسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 185 ، وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 31 ، وراجع كتابنا الهاشميون في الشريعة والتاريخ نجد عشرات المراجع الأخرى ص 136 .
( 3 ) المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 2 ص 120 وقال هذا حديث صحيح الإسناد ، والصواعق =>
- ص 84 -
يريدون حربه فغضب الرسول ، فعنفهم وهددهم قائلا : ( لتنتهن أو لأبعثن عليكم رجلا هو عندي كنفسي يقاتل مقاتلكم ويسبي ذراريكم ثم ضرب بيده على كتف علي ) ( 1 ) .
وتكررت أقوال النبي عندما هدد بني وليعة ( 2 ) .
وتكررت هذه الأقوال من النبي لوفد ثقيف حين جاءه ( 3 ) .
وقد أعلن النبي مرات متعددة أمام الصحابة : ( بأن عليا مني ، وأنا من علي ، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي ) ( 4 ) .
وليفهم المسلمون هذا المعنى ، وقياما بواجب البيان ، وإقامة للحجة على الناس : أرسل رسول الله أبا بكر - الخليفة الأول في ما بعد بسورة براءة ليبلغها إلى الناس في الحج ، فنزل عليه الوحي وكلفه بأن يأخذ سورة براءة من أبي بكر ، وأن يعطيها لعلي ، وعلل الرسول ذلك بقوله لأبي بكر : ( لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي ) ( 5 ) وعندما سأله أبو بكر أنزل في شئ يا رسول الله ؟ قال الرسول : ( لا إلا أني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي ) ( 6 ) أو قال له : ( لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني ) ) ( 7 ) .
=> المحرقة لابن حجر ص 75 ، وكنز العمال ج 6 ص 405 نقلا عن ابن أبي شيبة ، ومجمع الزوائد ج 9 ص 134 وقال رواه أبو يعلى وفي ص 193 قال رواه البزار .
( 1 ) راجع تفسير الكشاف للزمخشري ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) .
( 2 ) خصائص النسائي ص 19 ، ومجمع الزوائد ج 7 ص 110 وقال رواه الطبراني .
( 3 ) الاستيعاب لابن عبد البر ج 2 ص 464 ، والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 164 .
( 4 ) سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 ح 119 ، وصحيح الترمذي ج 5 ص 300 ح 3803 ، وخصائص النسائي ص 20 وص 33 ، وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 378 ح 875 و 880 ، والمناقب للخوارزمي ص 79 ، وتذكرة الخواص لابن الجوزي ، وجامع الأصول لابن الأثير ج 9 ص 471 ، والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56 ، والرياض للطبري ج 2 ص 229 ، والمشكاة للعمري ج 3 ص 243 .
( 5 ) صحيح الترمذي ج 2 ص 183 ، وخصائص النسائي ص 21 ، ومسند أحمد ج 3 ص 283 .
( 6 ) خصائص النسائي ص 20 ، وتفسير الطبري ج 10 ص 46 .
( 7 ) خصائص النسائي ص 20 ، وذكره السيوطي في تفسير ( بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ . . . ) وقال أخرجه ابن مردويه . ( * ) .
- ص 85 -
أو قال : ( لا يبلغ عني غيري أو رجل مني ) ( 1 ) أو قال : ( ولكن قيل لي لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك ) ( 2 ) أو قال : ( ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني ) ( 3 ) أو قال : ( جاءني جبريل فقال : ( لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ) ( 4 ) .
لقد فرضت هذه الأحاديث نفسها ، وتخطت كل القيود والعوائق التي وضعتها دولة الخلافة على كتابة ورواية أحاديث الرسول ، وعجز أولياء الخلافة التاريخية عن إنكار هذه الروايات الخطيرة ، التي تشل شللا تاما كافة معتقداتهم السياسية ، وتجردها من أية صفة شرعية .
( 1 ) تفسير الطبري ج 10 ص 47 .
( 2 ) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 51 .
( 3 ) مسند الإمام أحمد ج 1 ص 3 .
( 4 ) مسند الإمام أحمد ج 1 ص 151 ، وكنز العمال ج 1 ص 242 ، وقال أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه . ( * )