أصبح الجنين مريضاً يمكن لطبيب التوليد أن يشخص أمراضه و يعالجها. لكن
فكرة الجنين كمريض لم تتضح إلا خلال السنوات العشر الأخيرة وذلك عندما
تقدمت التقنيات الدقيقه لمراقبة الجنين وفحصه تفصيلياً وأخذ عينات من
أنسجته.
ومما ساعد علي ملاحظة الجنين و تشخيص أمراضه ذلك التطور في التحليل
الكيميائي الحيوي للسائل الأمنيوسي والموجات فوق الصوتيه ودراسات
الدوبلر وتحليل دم الجنين. وتهدف تلك الوسائل التشخيصيه إلي التشخيص
المبكر لأمراض الجنين و بالتالي العلاج المبكر والحد من المعاناة التي
يسببها إنتظار إنتهاء الحمل.
ويتطلب علاج الجنين عملية تقييم يتم فيها الموازنه بين رغبة الأم في
عدم إستخدام الأجهزة الطبيه داخل جسمها وبين ضمان حاله طبيه جيده لها
ولجنينها لكن الأم غالباً ما تقبل التوصيات الطبيه خاصة إذا كانت ذات
نتائج مؤكدة ومخاطر قليله.
ولهذا يجب أن يظل علاج الجنين الغير مؤكده نتائجه للبحث والدراسه فقط.
وكتعريف للعلاج الدوائي للجنين أنه استخدم الدواء لعلاج المشاكل
المرضيه للجنين أو علي الأقل تحسين قدرته علي التكيف مع الحياة داخل أو
خارج الرحم.
ولقد تطور العلاج الدوائي للجنين فأصبح عن طريق الحقن البريتوني أو
السُري للجنين مباشرة دونما التقيد بالمشيمه كوسيله معوقه لمرور الدواء
للجنين مع الأخذ في الإعتبار مخاطر التدخل المباشر لعلاج الجنين.
ومن أهم محاولات علاج أمراض الجنين داخل الرحم علاج الأنيميا الناتجه
عن اختلاف فصائل الدم بين الجنين والأم وذلك عن طريق نقل كرات الدم
الحمراء داخل الفراغ البريتوني للجنين أو داخل أوعية الجنين مباشرة.
كما يمكن علاج ضربات قلب الجنين السريعه والغير منتظمه بجرعات عاليه من
الديجوكسين للأم ومن الممكن أيضاً إعطائها للجنين خلال الحبل السُري.
ويعتبر العلاج الجراحي من الوسائل العلاجيه للمحافظه علي سلامة أعضاء
الجنين.
وبالرغم من الطبيعه التجريبيه للعلاج الجراحي إلا أنه تم الحصول علي
ثروة كبيرة من الخبرة في هذا المجال. ومن أمثلة ذلك علاج إستسقاء
الدماغي للجنين داخل الرحم وما تزال نتائجه غير مرضيه. وأيضاً من
الأمثله علاج مرض تكيسات الرئه الوراثيه ومرض فتق الحجاب الحاجز
الوراثي وهذه الأمراض تتطلب علاجاً جراحياً مباشراً.
ويتطلب الخيار بين التدخل الجراحي في الجنين داخل الرحم أو بعد ولادته
معرفه كامله التاريخ الطبيعي للمرض وفسيولوجية تطوره. وهناك إحتماليه
لإستخدام المنظار في إجراء بعض العمليات الجراحيه البسيطه للجنين سواء
للتشخيص أو العلاج مما يضيف أبعاداً جديدة في هذا المجال وتبقي
الإشكاليه هي هل العلاج قبل الولادة أكثر نجاحاً منه بعد الولادة حينما
يكون إنتظار الولادة أكثر ضرراً للجنين؟ ويحاول كل باحث تقديم موازنه
بين إمكانيات العلاج وتقييده بقيود طبيه وشرعيه وأخلاقيه وإجتماعيه.
والخلاصه:
ونحن علي مشارف القرن الحادي والعشرين ومع تقدم فروع العلوم المختلفه
نأمل أن تكون الأجيال القادمه من الأطباء المتخصصين في علاج الجنين
أوفر حظاً في إستخدام التكنولوجيا الحديثه مثل الكمبيوتر والإنسان
الآلي.