الخط
الخفي في حياة الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم )
هو منشأ الخلاف بين الشيعة والسنة
هذا بحث مختصر يبن للقارئ الكريم الجذور الأولى لمصدر الخلاف بين مدرسة أهل البيت عليهم السلام وبين
مدرسة الإخوة أتباع المذهب السني أو أبناء السنة والجماعة ، حيث أن منشأ الخلاف الواقع سواء كان في الأحكام
أو العقيدة هذا مصدره فهو امتداد للأصل الأول . ومصادر إثبات هذا الأمر هو من مصادرهم المعتبرة وهو صحيح
مسلم والبخاري وغيرهما ، ومن أراد الحق والحقيقة عليه أن يرجع إلى تلك المصادر الواضحة . ولا نذكر جميع
المؤشرات الدالة على خلاف بعض الصحابة للنبي( صلى الله عليه واله وسلم ) في حياته فهي كثيرة وإنما نذكر تسعة
مؤشرات فقط وهي كافية في بيان أن التمزق والاختلاف الذي تعيشه الأمة الآن هو بفعال أولئك . وكما يلي :-
1- في كتابة الحديث عن النبي( صلى الله عليه واله وسلم ):-
روى أبو داود في سننه ج2ص126 ومسند احمد بن حنبل ج2ص162 – كان النبي( صلى الله عليه واله وسلم )
يتحدث مع أصحابه وكان البعض يسجل أحاديثه . وكان من جملة الذين يسجلون الأحاديث هو عبد الله بن عمر بن العاص . ولكنه في يوم من الأيام امتنع من الكتابة ولم يكتب كما كان يكتب سابقا . فاستفسر النبي( صلى الله عليه واله وسلم ) عن سبب ذلك ؟ فقال عبد الله بن عمر: نهتني قريش وقالوا لاتكتب كل شئ سمعته من رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) ورسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتابة . فاوما( صلى الله عليه واله وسلم ) بإصبعه إلى فيه وقال( صلى الله عليه واله وسلم ): اكتب فوالذي نفسي بيده ماخرج منه إلا حق .
2- صلاة التراويح :-
النبي( صلى الله عليه واله وسلم )في شهر رمضان كان يصلي صلاة العشاء في المسجد وبعدها يرجع إلى بيته ويبقى في البيت حتى آخر الليل . وحينما يحل آخر الليل كان( صلى الله عليه واله وسلم ) يخرج إلى المسجد ويأخذ بأداء النوافل . وفي إحدى السنوات خرج( صلى الله عليه واله وسلم )على عادته إلى المسجد في أول ليلة من ليالي شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي سابقا وإذا بصف يصطف خلف النبي( صلى الله عليه واله وسلم )ليصلي جماعة فهرب منهم إلى بيته وتركهم . ففعلوا ذلك ثلاث ليال . فقام( صلى الله عليه واله وسلم )في اليوم الرابع على منبره فحمد الله واثني عليه ثم قال( صلى الله عليه واله وسلم ): (( أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة وصلاة الضحى بدعة ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل ولا لصلاة الضحى فان تلك معصية ألا وان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار. )) ثم نزل وهو يقول : (( قليل في سنة خير من كثير في بدعة )) – راجع وسائل الشيعة . ويذكر لنا التاريخ الإسلامي أن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لما ولي الخلافة في الكوفة دخل يوما إلى مسجد الكوفة فرأى جماعة من المسلمين يصلون صلاة النافلة (التي تسمى اليوم صلاة التراويح )) جماعة فقال لهم : هذه باطلة بدعة . فصاحوا جميعا وسنة عمراه فأعادها عليهم فصاحوا عليه جميعا وسنة عمراه وتركهم وانصرف . ولازال الإخوة أبناء العامة يصلونها جماعة مع أن النبي( صلى الله عليه واله وسلم ) نهى عنها وكذلك الإمام علي بن أبي طالب( عليه السلام ) .
3- الصوم في السفر :-
في صحيح مسلم : عن جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : إن رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم )خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغنيم فصام الناس . فدعا( صلى الله عليه واله وسلم ) بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام ؟ فقال( صلى الله عليه واله وسلم ) : أولئك العصاة أولئك العصاة .
وأيضا في صحيح مسلم : كان( صلى الله عليه واله وسلم ) في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه وقد ضلل عليه فقال( صلى الله عليه واله وسلم ) : ماله ؟ قالوا : رجل صائم . فقال( صلى الله عليه واله وسلم ) : ليس من البر أن تصوموا في السفر.
4- النزاع والاختلاف عند مرضه ( صلى الله عليه واله وسلم ) :-
النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) في أخريات حياته كان في الحجرة واجتمع عنده الأصحاب فأمر بدواة وكتاب ليكتب كتابا لن يظلوا بعده أبدا – قال ابن عباس في البخاري : قال الخليفة الثاني إن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) غلبه الوجع وعندكم كتاب الله فحسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت منهم من يقول ماقاله عمر فلما أكثر اللغط والاختلاف قال ( صلى الله عليه واله وسلم ) قوموا عني ولا ينبغي عندي النزاع . ويروي البخاري في رواية أخرى في وجه آخر انه قال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : أتوني بكتاب ......... فقالوا : يهجر رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) .
5- التخلف عن سرية أسامة بن زيد :-
أمر النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) في آخر أيام حياته بتنفيذ جيش أسامة بن زيد وقال ( صلى الله عليه واله وسلم ): لعن الله من تخلف عن جيش أسامة . وبعضهم اعترضوا – حيث يقول الشهرستاني في الملل والنحل : الخلاف الثاني : في وصيته قال ( صلى الله عليه واله وسلم ) جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه . فقال قوم : يجب علينا امتثال أمره . وقال قوم : قد اشتد مرض النبي( صلى الله عليه واله وسلم ) فلا تسع قلوبنا مفارقته والحال هذه فنصبر حتى نبصر أي شئ يكون من أمره .
6- عدم الصلاة خلفه ( صلى الله عليه واله وسلم ):-
كان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يصلي في المسجد جماعة وجماعة لايحضرون وهم جيران المسجد فهددهم النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) والإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) قال : اشترط رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) على جيران المسجد شهود الصلاة وقال( صلى الله عليه واله وسلم ) : لينتهين أقوام لايشهدون الصلاة أو لأمرن مؤذنا يؤذن ثم يقيم ثم آمر رجلا من أهل بيتي وهو علي فليحرقن على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لأنهم لاياتون الصلاة .
7- الاعتراض على توقيع النبي( صلى الله عليه واله وسلم ) في صلح الحديبية :-
روي في صحيح مسلم :لقد كنا مع رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) يوم الحديبية وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم )والمشركين فأتى عمر بن الخطاب رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) وقال : يارسول الله السنا على حق وهم على باطل ؟ فقال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : بلى . فقال عمر : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : بلى . قال عمر : فيم تعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : ياابن الخطاب إني رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) ولن يضيعني الله أبدا . فانطلق عمر فلم يصبر متغيضا . فأتى أبا بكر فقال : ياابا بكر السنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى . قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . فقال عمر : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ؟ فقال أبو بكر : ياابن الخطاب انه رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) ولن يضيعه الله أبدا. فنزل القران على رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) بالفتح . ( إذا جاء نصر الله ......... ) فأرسل ( صلى الله عليه واله وسلم ) إلى عمر فاقرأه إياه . فقال : يارسول الله أو فتح هو ؟ فقال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : نعم . فطابت نفسه ورجع .
8- توزيع الأموال :-
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري : بعث علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) من اليمن بذهيبة في أديم (جلد ) فقسمها بين أربعة نفر. فقال رجل من أصحابه : كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء . فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) فقال : ألا تامنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساءا . فقام رجل وقال : يارسول الله : اتق الله . فقال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : ويلك اولست أحق أهل الأرض أن يتق الله ؟ .
9- في الطلاق ثلاثا :-
إن هذا الطلاق الذي يسمى ثلاثا لايقع في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لكن عندهم يقع حيث إنهم يقولون : قال : عبد الرحمن الجزيري : إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا دفعة واحدة بان قال لها : أنت طالق ثلاثا لزمه مانطق به من العدد بالمذاهب الأربعة ( يعني يقع ثلاثا ) ثم قال : من خالفهم في ذلك بعض المجتهدين كطاووس وعكرمة وابن إسحاق وعلى رأسهم ابن عباس وقالوا : انه يقع به واحدة لا ثلاث . ودليلهم على ذلك مارواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث كان واحدة . فقال عمر : الناس قد استعجلوا في امر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم – أي يقع ثلاث – فأمضاه عليهم – أي إن الطلاق يقع ثلاث مرات – وهو ثابت عندهم إلى يومنا هذا مع شديد الأسف .
إذن هو هذا الخط المخالف للرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) في حياته وهو سبب خلاف الأمة الحالي فهو المؤسس الأول لهذا الخلاف فكيف بعد هذا الإثبات القليل في خلاف بعض الصحابة للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يريد منا الإخوة أهل السنة والجماعة أن نقول بعدالة جميع الصحابة مع أن القران الكريم نفسه لم يقل بعدالة جميع الصحابة بل بعضهم منافقون بدليل سورة ( المنافقون ) . وبدليل قوله تعالى ( ياايها الذين امنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين ) وفي سورة الجمعة كيف إن القران الكريم يصف بعض الصحابة يتركون الرسول( صلى الله عليه واله وسلم ) في الصلاة ويذهبون إلى التجارة كما يقول القران في حالهم – تركوك قائما – وكذلك في آية أخرى يبين المولى سبحانه كيف إن بعض الصحابة يلمز النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) في الصدقات . وغيرها من الآيات الأخرى . بينما هناك آيات تكرم بعض الصحابة وتعظمهم . إذن لايمكن الجمع بين جميع الصحابة في الأفضلية فمنهم من خالف النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) في حياته وبعد مماته ومنهم من أطاعه في حياته وبعد مماته .
إذن فلماذا لانجتمع على كلمة سواء بيننا وبينكم وهي كلمة التوحيد والنبوة والأئمة عليهم السلام الذين كانوا على طاعة مستمرة للرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) في حياته وبعد مماته ولم يسجل لهم التاريخ أية مخالفة أو اجتهاد مقابل النصوص القرآنية والنبوية بل على العكس تماما فلهم من الكرامات مالا يعد ولا يحصى وباعتراف الجميع مما فضلهم على الجميع .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد خلقه محمد الأمين وعلى اله الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والعاقبة للمتقين .