السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي الأفاضل قد طرح سؤال على فضيلة السيد محمد الصافي حول هذه الآية قال الله تعالى : ((إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ)) فهل الاية تشمل كل من عبده الناس على الاطلاق كـ (عيسى ابن مريم وأمير المؤمنين (عليهما السلام) وأنا قرأت السؤال فقمت بالاجابة عليه وهذا يعد تطفل مني لأن السؤال لم يكن موجهاً لي بل للسيد الصافي وفقه الله لما يحب ويرضى وأرجو أن يعذرني السيد الصافي والأخ صاحب الموضوع الذي تطفلت بساحته
الجواب عليها في اطروحتان:
الأطروحة الأولى: وجهان:
الوجه الأول: إن القرآن الكريم نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والنبي عربياً والقرآن نزل على العرب علماً أن العرب تستخدم (من) للعاقل و (ما) لغير العاقل والآية ذكرت (ما) فيكون عيسى بن مريم (عليه السلام) خارج عن هذه الدائرة) وهناك رواية وهي: جاء في الحديث أن قوما أتوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا له: أ لست رسولا من الله تعالى؟ قال لهم: بلى. قالوا له: وهذا القرآن الذي أتيت به كلام الله تعالى؟ قال: نعم. قالوا: فأخبرنا عن قوله ((إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ)) إذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح (عليه السلام) أ فنقول إنه في النار؟ فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله أنزل القرآن علي بكلام العرب والمتعارف في لغتها وعند العرب أن (ما) لما لا يعقل و (من) لمن يعقل والذي يصلح لهما جميعا فإن كنتم من العرب فأنتم تعلمون هذا قال الله تعالى: (( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ)) يريد الأصنام التي عبدوها وهي لا تعقل والمسيح ( عليه السلام) لا يدخل في جملتها لأنه يعقل ولو قال: إنكم ومن تعبدون لدخل المسيح (عليه السلام) في الجملة فقال القوم:
صدقت يا رسول الله. كنزالفوائد ج2 ص186، والمناقب ج1 ص54، وبحار الأنوار ج9 ص283
الوجه الثاني: إننا عندما نكمل الآية نجد تفسير واضح لها والآيات كالآتي: (( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ * لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ * لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ * إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَْكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ*)) سورة الأنبياء من آية 93 إلى آية 103.
نجد أن الآيات التي تأتي بعدها تستثني الذين سبقت لهم الحسنى من الله سبحانه وتعالى وأكيداً أن عيسى بن مريم (عليهم السلام) من ضمنهم وكيف لا وهو رسول الله الى بني اسرائيل.
الأطروحة الثانية: قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) فلا بد أن نعرف من الذين سبقت لهم الحسنى حتى يكون الجواب شافي ووافي يوجد في سورة الرعد آية 18 قوله تعالى: ((وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً)) والآن أنقل لكم تفسير الاية وهي موجودة في كتاب تأويل الايات الظاهرة ص290
((وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْرا))ً
قال محمد بن العباس رحمه الله حدثنا الحسن بن علي بن عاصم عن الهيثم بن عبد الله قال حدثنا مولاي علي بن موسى عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبرئيل عن ربه عز وجل وهو يقول ربي يقرئك السلام ويقول لك يا محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنة فلهم عندي جزاء الحسنى يدخلون الجنة أي جزاء الحسن.
من هذه الاية نعرف من الذين سبقت لهم الحسنى من الله وهم كل من آمن بالله وبرسوله وأهل بيته الأئمة (سلام الله عليهم) وعمل صالحا.
هنا قد يسأل سائل ان الأنبياء (صلوات الله عليهم) متقدمين عليه بالنبوة والرسالة وإنما هو آخر الأنبياء والمرسلين اذن هم لا يدخلون في من سبقت لهم الحسنى من الله؟
الجواب عليه: انه لا يوجد رسول ولا نبي ولا وصيً إلا وآمن بمحمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) وعليه فإن الأنبياء وأوصياء الأنبياء من أوضح المصاديق التي سبقت لهم الحسنى بإيمانهم بمحمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) كما وردت في مجموعة من الروايات منها:
1ـ (الغيبة للشيخ الطوسي) جماعة عن التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي عن الحسين بن علي عن علي بن سنان الموصلي عن أحمد بن محمد بن الخليل عن محمد بن صالح الهمداني عن سليمان بن أحمد عن الذبال بن مسلم وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سلام قالسمعت أبا سلمى راعي النبي (صلى الله عليه وآله) يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سمعت ليلة أسري بي إلى السماء قال العزيز جل ثناؤه: ............ فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وشققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من شبح نور من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرضين فمن كان قبلها كان عندي من المؤمنين ومن جحدها كان عندي من الكافرين يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ويصير مثل الشن البالي ثم أتاني جاحدا بولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم يا محمد أ تحب أن تراهم قلت نعم يا رب فقال التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون والمهدي في وسطهم كأنه كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فقال يا محمد هؤلاء الحجج وهذا الثائر من عترتك يا محمد وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي. بحار الأنوار ج36 ص261
2ـ (تفسير فرات بن إبراهيم) عن عبيد بن كثير عن محمد بن الجنيد عن يحيى بن معلى عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء قال لي العزيز الجبار: ..........وعرضت ولايتكم على السماوات وأهلها وعلى الأرضين ومن فيهن فمن قبل ولايتكم كان عندي من الأظفرين ومن جحدها كان عندي من الكفار يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم. بحار الأنوار ج37 ص62
3ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ: مَا مِنْ نَبِيٍّ جَاءَ قَطُّ إِلا بِمَعْرِفَةِ حَقِّنَا وَتَفْضِيلِنَا عَلَى مَنْ سِوَانَا. الكافي ج1 ص437
منقول للفائده