اللهم صل على محمد وال محمد
لقد كلفني شيخي ( ابن شاذان القمي ) ان اجمع ما كتبه في شبكة هجر من تصريحات العلماء والمراجع المعاصرين حول اعتبار وصحة زيارة الجامعة ، ومدى اعتناء العلماء بها
وها نحن نقوم بهذه المهمة عسى ان نتقرب الى الله بهذا العمل ، وسنضيف عليها بعض الذين لم يذكرهم شيخنا الفاضل .
وسوف نذكر اسماء العلماء وكلماتهم او من نقل ذلك عنهم ، مع الاشارة الى المصدر او الوثيقة .
قصة : عليكم بزيارة الجامعة ، الجامعة الجامعة الجامعة
قبل ان اذكر كلامت العلماء احببت ان انوه لهذه القصة لاهميتها .
هذه القصة يظهر منها التأكيد على قراءة زيارة الجامعة ، والقصة نقلها النوري الطبرسي في النجم الثاقب ج2 ص273 ومابعد ، ونقلها الشيخ عباس القمي ايضا في مفاتيح الجنان ص728
((الحكاية السبعون :
قد تشرّف بزيارة النجف الأشرف جناب المستطاب التقي الصالح السيد احمد بن السيد هاشم بن السيد حسن الرشتي ساكن رشت أيّده الله، قبل سبعة عشر سنة تقريباً.
وقد جائني إلى المنزل مع العالم الرّباني والفاضل الصمداني الشيخ علي الرشتي طاب ثراه ـ الذي سوف يأتي ذكره في الحكاية الآتية ان شاء الله ـ.
فلمّا نهضنا للخروج نبّهني الشيخ إلى أن السيد احمد من الصلحاء المسددين ولمح اليّ انّ له قصّة عجيبة ولم يسمح المجال حينها في بيانها.
وبعد عدّة أيام من اللقاء قال لي الشيخ: انّ السيد قد ذهب، ثم نقل لي جملة من حالات وأحوال السيد مع قصّته، فتأسّفت لذلك كثيراً لعدم سماعي القصة منه شخصاً، ولو انّ مقام الشيخ رحمه الله أجل من أن ينقل شيئاً خلاف ما نقل له. وبقي هذا الموضوع في ذهني من تلك السنة وحتى جُمادى الآخرة من هذه السنة حيث كنت راجعاً من النجف الأشرف إلى الكاظمين فالتقيت بالسيّد الصالح المذكور وهو راجع من سامراء وكان عازماً على السفر إلى بلاد العجم، فسألته عن ما سمعته من أحواله ومن جملتها القصّة المعهودة، فنقل كل ذلك ما طابق النقل للأول، والقضية بما يلي ; قال: عزمت على الحج في سنة ألف ومائتين وثمانين فجئت من حدود رشت إلى تبريز ونزلت في بيت الحاج صفر علي التاجر التبريزي المعروف ولعدم وجود قافلة فقد بقيت متحيّراً إلى أن جهز الحاج جبار جلودار السدهي الاصفهاني قافلة الى (طربوزن) فاكتريت منه مركباً لوحدي وسافرت، وعندما وصلت إلى أوّل منزل التحق بي ـ وبترغيب الحاج صفر علي ـ ثلاثةُ أشخاص آخرين، أحدهم الحاج الملاّ باقر التبريزي الذي كان يحج بالنيابة وكان معروفاً لدى العلماء، والحاج السيد حسين التاجر التبريزي، ورجل يسمى الحاج علي وكان يشتغل بالخدمة.
ثم ترافقنا بالسفر إلى أن وصلنا إلى (أرضروم)، وكنّا عازمين على الذهاب من هناك إلى (طربزون) وفي أحد تلك المنازل التي تقع بين هاتين المدينتين جائني الحاج جبار جلودار وقال: بأن هذا المنزل الذي قدامنا مخيف فعجّلوا حتى تكونوا مع القافلة دائماً، وذلك لأننا كنّا غالباً ما نتخلّف عن القافلة بفاصلة في سائر المنازل، فتحرّكنا سويّةً بساعتين ونصف ، أو ثلاث ساعات بقيت إلى الصبح ـ على التخمين ـ وابتعدنا عن المنزل الذي كنّا فيه مقدار نصف أو ثلاثة أرباع الفرسخ فاذا بالهواء قد تغيّر واضلمت الدنيا وابتدأ الوفر بالتساقط، فحينئذ غطى كلّ واحد منّا من الرفقاء رأسه وأسرع بالسير. وقد فعلت أنا كذلك لألتحق بهم ولكنّي لم أتمكّن على ذلك
فذهبوا وبقيت وحدي. ثم نزلت بعد ذلك من فرسي وجلست على جانب الطريق، وقد اضطربت اضطراباً شديداً لأنه كان معي قرابة ستمائة تومان لنفقة الطريق.
وبعد أن فكّرت وتأملت بأمري قررت أن أبقى في هذا الموضع إلى أن يطلع الفجر، ثم ارجع إلى الموضع الذي جئت منه، وآخذ معي من ذلك الموضع عدّة اشخاص من الحرس فألتحق بالقافلة مرّة ثانية.
وبهذه الأثناء رأيت بستاناً أمامي، وفي ذلك البستان فلاح بيده مسحاة يضرب بها الأشجار فيتساقط الوفر منها، فتقدّم اليّ بحيث بقيت فاصلة قليلة بينه وبيني، ثم قال: من أنت؟ قلت ذهب اصدقائي وبقيت وحدي ولا أعرف الطريق فتهت.
فقال باللغة الفارسية: نافله بخوان تا راه پيدا كنى.
(أي صلي النافلة ـ والمقصود منها صلاة الليل ـ لتعرف الطريق)
فاشتغلت بصلاة النافلة وبعدما فرغت من التهجد، عاد إليّ مرّة اُخرى وقال: ألم تذهب بعد؟!
قلت: والله لا أعرف الطريق.
قال: جامعه بخوان (اقرأ الجامعة).
ولم أكن احفظ الجامعة وما زلت غير حافظ لها مع انّي قد تشرّفت بزيارة العتبات المقدّسة مراراً.. ولكنّي وقفت مكاني وقرأت الجامعة كاملةً عن ظهر الغيب، ثمّ جاء وقال ألم تذهب بعد؟!
فأخذتني العبرة بلا ارادة وبكيت وقلت: ما زلت موجوداً ولا أعرف الطريق.
قال: عاشورا بخوان (اقرأ عاشوراء).
وكذلك انّي لم أكن احفظ زيارة عاشوراء وما زلت غير حافظ لها، فقمت من مكاني واشتغلت بزيارة عاشوراء، من الحافظة عن ظهر غيب إلى أن قرأتها جميعاً وحتى اللعن والسلام ودعاء علقمة، فرأيته عاد اليّ مرّة اُخرى وقال: (نرفتى. هستى) ألم تذهب؟ بعدك؟!
فقلت: لا، فإني موجود وحتى الصباح.
قال: أنا أوصلك إلى القافلة الآن (من حالا ترا بقافله مى رسانم).
ثم ذهب وركب على حمار ووضع مسحاته على عاتقه وجاء فقال: اصعد خلفي على حماري (برديف مَن بر الاغ مَن سوار شو).
فركبت وأخذت بعنان فرسي فلم يطاوعني ولم يتحرّك، فقال: (جلو اسب را بمن ده) ناولني لجام الفرس. فناولته، فوضع المسحاة على عاتقه الأيسر وأخذ الفرس بيده اليمنى وأخذ بالسير، فطاوعه الفرس بشكل عجيب وتبعه.
ثم وضع يده على ركبتي وقال: (شما چرا نافله نميخوانيد ; نافله، نافله، نافله..) لماذا لا تصلّوا النافلة: النافلة.. النافلة.. النافلة؟ قالها ثلاث مرّات.
ثم قال: (شما چرا عاشورا نميخوانيد.. عاشورا.. عاشورا.. عاشورا) لماذا لا تقرءوا عاشوراء: عاشوراء.. عاشوراء.. عاشوراء..؟ ثلاث مرّات.
ثم قال: (شما چرا جامعه نميخوانيد: جامعه.. جامعه.. جامعه..) لماذا لا تقرءوا الجامعة: الجامعة.. الجامعة.. الجامعة..؟
وعندما كان يطوي المسافة كان يمشي بشكل مستدير، وفجأة رجع وقال: (آنست رفقاى شما) هؤلاء اصحابك.
وكانوا قد نزلوا على حافة نهر فيه ماء يتوضؤون لصلاة الصبح. فنزلت من الحمار لأركب فرسي فلم أتمكّن فنزل هو وضرب المسحاة في الوفر وأركبني وحول
رأس فرسي إلى جهة أصحابي وبهذه الأثناء وقع في نفسي: من يكون هذا الانسان الذي يتكلّم باللغة الفارسية علماً ان أهل هذه المنطقة لا يتكلّمون الّا باللغة التركية، ولا يوجد بينهم غالباً الّا أصحاب المذهب العيسوي (المسيحيون) وكيف أوصلني إلى أصحابي بهذه السرعة؟!
فنظرت ورائي فلم أَرَ أحداً ولم يظهر لي أثر منه، فالتحقت برفقائي.)) انتهى كلامه رفع مقامه .
اولا : المحدث الشيخ الصدوق رحمه الله :
زيارة الجامعة عنده من اصح الزيارات من طريق الرواية :
من المعلوم ان اقدم مصدر لزيارة الجامعة في مجاميعنا الحديثية هو كتاب من لايحضره الفقيه للشيخ الصدوق
قال رحمه الله في كتابه ( من لايحضره الفقيه ج2 ص598 ) :
(( وقد أخرجت في كتاب الزيارات ، وفي كتاب مقتل الحسين عليه السلام أنواعاً من الزيارات ، واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية ، وفيها بلاغ وكفاية .))
ثم ذكر الزيارة في صفحة 609 ، هذا مضافا الى ان الشيخ افتى بصحة كتابه – كما في المقدمة -
فتصحيح الشيخ الصدوق للرواية كاشف عن وثاقة رجال سندها عنده ، وهذا يكشف عن أنّ كل رجل رجل من رجال سند الحديث ثقات ، لان الصدوق من القدماء .
إشكال : تصحيح الصدوق للرواية لا يدل على توثيقه لرجال سندها ؟
الجواب : قد أجاب السيد الخوئي عن الاشكال في كتابه المعجم ج15 ص68 في ترجمة القاسم بن يحيى :
(( بقي هنا أمران : الأول : أنه لا يبعد القول بوثاقة القاسم بن يحيى لحكم الصدوق بصحة ما رواه في زيارة الحسين عليه السلام ، عن الحسن بن راشد ، وفي طريقه إليه : القاسم بن يحيى ، بل ذكر أن هذه الزيارة أصح الزيارات عنده رواية . الفقيه : في زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام ، الحديث ( 1614 و 1615 ) ، حيث إن في جملة الروايات الواردة في الزيارات ما تكون معتبرة سندا ، ومقتضى حكمه مطلقا بأن هذه أصح رواية يشمل كونها أصح من جهة السند أيضا ، ولا يعارضه تضعيف ابن الغضائري لما عرفت من عدم ثبوت نسبة الكتاب إليه .))
ولا ينبؤك مثل خبير .
ملاحظة : تصحيح الشيخ الصدوق لهذه الرواية ذات المضامين العالية ، مع ما عرف منه من التشدد ، بحيث انه حكم على من انكر سهو النبي (ص) بالغلو ، يقضي العجب والتأمل ، ويكشف أن الحديث في غاية الصحة .
ويمكننا ان نستشم صحة الزيارة عند استاذه ابن الوليد ، لانه قد صرح بان كل حديث لم يصححه استاذه ابن الوليد فهو عنده غير صحيح ، وبما ان زيارة الجامعة صححه الصدوق فهذا يكشف صحته عند استاذه ايضا . فتأمل جيدا .
.................................................................................................... .....................
ثانياً : العلامة محمد باقر المجلسي
زيارة الجامعة أصح الزيارات سنداً ، وأعمها مورداً ، وافصحها لفظاً ، وأبلغها معنىً ، وأعلاها شأناً
قال رحمه في بحار الانوار ج99 ص144 بعد أن رواها وشرح بعض فقراتها :
(( أقول : إنما بسطت الكلام في شرح تلك الزيارة قليلاً وإن لم أستوف حقها حذراً من الإطالة لأنها أصح الزيارات سنداً ، وأعمها مورداً ، وأفصحها لفظاً ، وأبلغها معنىً ، وأعلاها شأناً .))
ولا ينبؤك مثل العلامة المجلسي ، المحدث الخبير بروايات أهل البيت عليهم السلام .