تنقية الروح من الشوائب!..
إن الروح باعتبار غيبها، وباعتبار أنها من الموجودات المجردة، لا تدرك ولا تلمس ولا ترى.. لذا، فإن العمل عليها من أصعب الأمور، رغم أنها من أشد الأمور إستراتيجية في الحياة.. لأنه إذا صلح الأمير، صلحت المملكة.. وإذا صلح القلب أيضاً صلحت الجوارح.. فالعمل على تنقية الروح من الشوائب وتهذيبها من أجلّ الحركات، وأدقها وأصعبها!.. ومن هنا، فإن الذين لا يعيشون حالة التجرد، وحالة الغور فيما وراء الطبيعة، يهملون هذا الجانب.. فعامة الناس المتدينين، يشغلون أنفسهم بالأعمال الجوارحية؛ إراحة لوجدانهم.. فإذا أحبوا أن يتقربوا إلى الله -عز وجل-، فإنهم يشغلون أنفسهم: بالصيام، وبالحج، والعمرة، والصلوات اليومية، والنوافل، وغير ذلك.. أي ينظرون إلى عبودية الله -عز وجل-، المتمثلة بالحركات الخارجية.. وبالتالي، فإنهم لا يعيشون حالة القرب من المولى، بل يعيشون حالة إرضاء المولى، ويحوزون على الثواب.. ولكن القرب القلبي غير متحقق، والشاهد على ذلك: أن بعض المكثرين من الحج والعمرة والنوافل، لا يُرى فيهم أي معنى من معاني القرب، والأنس، واطمئنان القلب؛ هذه المعاني الروحية التي ذكرت في القرآن الكريم: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾.. فحتى هذا الخشوع الصلاتي، الذي هو علامة الفلاح، لا يُرى في أعمال هؤلاء.. لذا، فإنه لابد من مضاعفة الجهد على هذه اللطيفة الربانية.