جاء عن أنس قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وآله ، وعليه برد غليظ الحاشية ، فجذبه أعرابي بردائه جذبة شديدة ، حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه ، ثم قال : يا محمد إحمل لي علي بعيري هذين من مال الله الذي عندك ، فإنك لا تحمل لي من مالك ، ولا مال أبيك . فكست النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : المال مال الله ، وأنا عبده . ثم قال : ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي ؟ ! قال : لا . قال : لم ؟ قال : لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة . فضحك النبي ، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعيرا ، وعلى الآخر تمرا . وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وآله دنانير ، فتقاضاه ، فقال له : يا يهودي ما عندي ما أعطيك . فقال : فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني . فقال : إذن أجلس معك ، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة ، وكان أصحاب رسول الله يتهددونه _ ويتواعدونه ، فنظر رسول الله إليهم فقال : ما الذي تصنعون به ؟ ! فقالوا : يا رسول الله يهودي يحبسك ! فقال : لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره . فلما علا النهار قال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وشطر مالي في سبيل الله ، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت ، إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة ، فاني قرأت نعتك في التوراة : محمد بن عبد الله ، مولده بمكة ، ومهاجره بطيبة ، وليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا متزين بالفحش ، ولاقول الخنا ، وأنا أشهد أن لا إله الا الله ، وأنك رسول الله ، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله ، وكان اليهودي كثير المال