تخضع نفسيات الأفراد في الأسرة إلى وضع حكومة الآباء ، فالأب الذي يتحدث إلى أبنائه بلسان التهديد والعقاب فقط ، وتكون إطاعته له قائمة على أساس الخوف منه ، ينعدم حب التعالي والترقي من نفوس الأطفال ، ولا تظهر استعداداتهم الخفيَّة ، ولا يفكرون في تحصيل الكفاءات لأنفسهم .
وبصورة أساسية ، فإن الأطفال في أمثال هذه الأُسَر لا يدركون أنفسهم ، ولا يلتفتون إلى وجودهم بين ظهراني المجتمع .
لأنهم لم يسمعوا كلاماً من رب الأسرة حول إظهار شخصياتهم ، لأنه كان يتحدث معهم بِلُغة السوط والعصا فقط .
أما في الأسر التي تقوم على أساس الرقي النفسي ، وحُبّ الكمال ، والتي تهدف التربية فيها إلى إيجاد الكفاءة والفضيلة ، والصلاحية في نفوس الأفراد ، تنعدم لغة التهديد والعقوبة .
بل يستند المُربِّي حينئذ إلى شخصية الأطفال ، ويستفيد من غريزة حبهم للكمال في تشجيعهم على العمل المثمر الحُر .
إن التربية في ظل النظام الإسلامي تقوم على العدل والحرية ، وتنمية حب الرقي والتكامل في نفوس الأطفال .
يقول الإمام علي ( عليه السلام ) لولده الحسن : ( ولا تكن عَبدَ غيرك وقد جعلك الله حراً ) نهج البلاغة الكتاب 31 / 87 من وصاياه لابنه الحسن ( عليهما السلام ) .
بهذه الجملة القصيرة يزرع الأب العظيم أعظم ثروة للشخصية في نفس ولده ، ويعوده على الحرية الفكرية .
وبالنسبة إلى تَعلُّم الأطفال قال ( عليه السلام ) : ( من لم يتعلَّم في الصِّغَر ، لَم يتقدَّم في الكِبَر ) غُرَر الحِكَم ودُرَر الكَلِم 697 .
وأخيرا نقول :
إن المربي القدير هو الذي يستفيد من غريزة حب الكمال والرقي عند الطفل ، ويقيم قسماً كبيراً من أساليبه التربوية على هذا الأساس
منقول