مدّعو المهدويةمهدي السلفية التكفيريةمع بزوغ غرة محرم الحرام من العام 1400 هـ الموافق 20 نوفمبر 1979م دخل المدعو جــهيمان العتيبي مــع ما يقارب المئة من أصحابه الى المسجد الحرام في مكة المكرمة لأداء صــلاة الفــجر، وكانــوا يحمــلون نعوشـاً، وأوهموا حراس المسجد الحرام إنها نعوشاً لموتى، وسيصلّون عليها صلاة الميت بعد صلاة الفجر، وفي الحقيقة أن هذه النعوش لم تكن إلاّ مخازن للأسلحة الرشاشة وذخائرها. وما أن انفضت صلاة الفجر حتّى قام جهيمان وصهره المدعو محمّد بن عبد الله القحطاني أمام المصلين في المسجد الحرام ليعلنوا للناس نبأ المهدي المنتظر وفراره من أعداء الله واعتصامه في المسجد الحرام، وقد قدّم جهيمان صهره القحطاني بأنه المهدي المنتظر مجدد هذا الدين في ذلك اليوم من بداية القرن الهجري الجديد!!
ثم قام جهيمان وأتباعه بمبايعة (المهدي المنتظر) بين الركن والمقام، وطلب من جموع المصلين مبايعته، وأوصد أبواب المسجد الحرام، ووجد المصلّون أنفسهم محاصرين داخل المسجد بما فيهم النساء والأطفال.
وفي الوقت نفسه كانت هناك مجاميع أخرى من أتباعه يقومون بتوزيع منشورات ورسائل وكتيبات كان جهيمان قد أعدّها مسبقاً في السعودية وبعض دول الخليج.
وبعد ثلاثة أيام أُخلي سبيل النساء والأطفال، وبقي كمّ لا بأس به من المحتجزين في داخل المسجد.
سيرة زعماء الحركة:
عمل جهيمان بن محمّد بن سيف العتيبي موظفاً في الحرس الوطني السعودي لمدة ثمانية عشر عاماً، درس الفلسفة الدينية في جامعة مكة المكرمة الاسلامية، وانتقل بعدها الى الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة، وفي المدينة المنورة التقى جهيمان بشخص يدعى (محمّد بن عبد الله القحطاني) وهو أحد تلامذة الشيخ عبد العزيز بن باز.
توطّدت العلاقة بين الرجلين، خاصة أنهما إلتقيا فكرياً في العديد من الرؤى الايدلوجية المتطرفة، من حيث تكفير الدولة، بل وتكفير المجتمع بأكمله، والتزمّت الشديد مما أدى الى اعتزالهما المجتمع ورفض معالمه المدنية من راديو وتلفزيون وصحافة... وغيرها. ومما زاد في تقاربهما زواج القحطاني بشقيقة جهيمان العتيبي.
بدأ جهيمان وصهره بنشر أفكارهما المنشودة التي تعدّ كل ما هو جديد من البدعة والخروج عن الدين، بشكل سري وعلى نطاق ضيق في بعض المساجد الصغيرة في المدينة المنورة، ومن ثم فقد لقيت هذه الأفكار صدىً إيجابياً عند البعض، وأخذت الجماعة التي أسّسها جهيمان تكبر، حتّى وصل عدد أفرادها إلى الآلاف.
ولم يدّخر جهيمان وجماعته جهداً في معاداة الأنظمة الحاكمة لأنها لا تحكم بشرع الله، وكان هذا جلياً في الرسائل التي كتبها بنفسه أو من قبل أتباعه، كما يؤمن بهجر المجتمع ووسائله المدنية والانعزال عنه، نظراً لتفشي الفساد والرذيلة في المجتمع وبُعده عن الصراط المستقيم، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر يرى جهيمان وأتباعه ضرورة عدم موالاة الأنظمة التي لا تحكم بشرع الله ولا تنتهي بنواهيه.
وكل ما في الأمر أن هذه الجماعة انشقّت عن الخط السلفي الوهّابي السائد وتبنّت أطروحة أكثر تشدداً وانغلاقاً في مواجهة الواقع، مما أدى إلى وقوع تناقضات واضحة في فكر الجماعة وأهدافهم المتمثلة بالمجتمع الذي يعمل بما أنزل الله وبين اعتـــزال الجماعة للمجتمع المراد تغييره، ومن جهة أخرى فقد تبنّت هذه الجماعة القول بعلامات وفتن آخر الزمان وظهور المهدي ونزول عيسى من السماء بالاضافة إلى موقف الرفض تجاه آل سعود، وكل ذلك إنّما يؤكد حالة التناقض الداخلي الفكري، ولم يكن هناك حل أو مخرج لهذا التناقض سوى تبنّي فكرةظهور المهدي التي تحوّلت من مجرد تصوّر إلى واقع حين اكتشفت الجماعة أن العلامات الخاصة بالمهدي والصفات المتعلقة بشخصه تنطبق نوعاً ما على أحد أفراد الجماعة، فبايعوه على الخروج لتتحقّق على يديه النبؤات التي أشارت إليها الأحاديث النبوية.وأولى هذه النبؤات هي: أن المهدي سوف يلوذ حين ظهوره بالحرم المكي، وعندما تحاصره جيوش الكفر عندئذٍ يخسف الله بها، وبهذا التبرير الشرعي اقتحم جهيمان ومجموعته الحرم، وبتبرير شرعي آخر دكّت القوات الفرنسية والأردنية والسعودية الحرم المقدس وكان ما كان.
الدولة وفقهاؤها في مواجهة الحركة:
كان حصار جهيمان العتيبي ومحمد بن عبد الله القحطاني مع العديد من الأتباع السعوديين والعرب والأفغان وغيرهم في الحرم المكي المظهر الأسطع لما كان يعتمل من توتّر في المجتمع السعودي، كان قائد العملية جهيمان واعظاً نشطاً غامر بأبداء آرائه حول الحاكم الاسلامي العادل والعلاقات مع القوى الكافرة والنزعة المادية والفساد والعلاقة بين العلماء والسلطة وطالب بعزل آل سعود من الحكم، لذلك عمدت الحكومة إلى استنفار العلماء، وأصدرت إدارة البحوث العلمية والافتاء فتوى تدعم الفئة الحاكمة وتجيز التدخل العسكري في الحرم المقدس.
إنّ رسالة المهدويين الجدد طغى عليها إعلانهم أن زعيم الحركة الروحي محمّد القحطاني هو (المهدي المنتظر) الذي كان مفهوماً خلافياً في الإسلام السني، واستثمرت الحكومة هذا الخلاف للنيل من المتمرّدين، وشرع كبار العلماء في إجراء مناظرة لاهوتية حول صفات المهدي الحقيقي طامسين بذلك المعارضة السياسية التي كانت أساس التمرد، وخلص العلماء إلى أن القحطاني لا يمكن أن يكون المهدي المنتظر حقاً، مبررين بذلك إخماد الحركة داخل المسجد، لكن الفئة الحاكمة ومعها طبقة الفقهاء أدركوا أن التمرد لم يكن حول مهدي مزيف أو حقيقي، بل كان حول تطور أسفر عن نتائج اجتماعية متناقضة وتواترات لم تكن تتوقعها حكومة رفعت لواء التحديث دون توفير أرضية جديدة للشرعية، فلقد كان حصار المسجد جزءاً لا ينفصل من نتائج التحديث المادي إبان السبعينات، وهو كان يقظة سياسية استندت إلى خطابية دينية أصبحت أكثر تمفصلاً برعاية مراكز العلوم الدينية في المملكة وفي ظل التربية والتعليم ومناهجهما الجديدة.
تذكر المصادر المعاصرة أن آل سعود جمعوا الفقهاء وأجبروهم على صياغة فتوى يشير نصها إلى أن وقت صدورها يسبق قيام الحكومة بالهجوم على الحرم، ولم يصدر أي شجب أو استنكار من قبل أغلب الفقهاء، فقد استسلموا وأطاعوا مخافة أن يقعوا في محذور شرعي لو تبنّوا موقف الرفض، فالحاكم واجب الطاعة وشرّ الأعمال الخروج عن الجماعة.
والظاهر أن الأمر لم ينته عند حدّ الاستغناء عن الفقهاء في مواجهة الحادث، بل تجاوزه إلى الاستغناء عنهم في محاكمة المتهمين، حيث صدرت الأحكام بسرعة وبأوامر ملكية دون أن يكون للفقهاء أي علم أو دور، مما أثار حفيظة بعضهم الذي طالب بتولي أمر محاكمة المتهمين، ولما رُفض طلبهم رفضوا بدورهم التوقيع على الأحكام الصادرة ضد جهيمان وأتباعه، الأمر الذي حدا بالحكومة إلى إعادة صياغة فتوى ثانية يتّضح فيها الحرص على تضمينها بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تنوّه إلى ضرورة معاقبة المفسدين وبشدّة.
وقد جاء في الفتوى الأولى التي تجاهلت رأي الفقهاء والتي أصدرها خالد بن عبد العزيز وقام بتنفيذها شقيقه نايف وزير الداخلية آنذاك والصادرة بتاريخ 19/ 2/ 1400هـ الموافق 7/1/1980.
اطلعنا على ما رفعتموه ـ أي نايف ـ لنا من الاعترافات التي أدلى بها المجرمون الذين اعتدوا على الحرم وأدخلوا فيه السلاح والذخيرة وأغلقوا أبوابه على المسلمين الذين أدوا فيه صلاة الفجر في اليوم الأول من شهر محرم عام 1400 هـ، وقد روّعوا المسلمين في الحرم الذي جعله الله للناس أمناً، وسفكوا الدماء البريئة بغير ذنب، وأجبروا الناس في الحرم على مبايعة أحد أفراد الفئة الضالة المفسدة زاعمين أنه المهدي، وهددوا من لم يستجب بالسلاح كما هو مسجل في إحدى خطب هذه الفئة الظالمة التي ألقاها أحد رؤوس الفتنة صبيحة عدوانهم على الحرم، واستناداً على فتوى أصحاب الفضيلة العلماء بقتالهم مستدلّين بقوله تعالى: (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) ولأن هيئة كبار العلماء قد أصدروا في دورة مجلسهم الخامسة عشرة بياناً استنكروا فيه هذه الجريمة الخطيرة، وهذا البيان من الهيئة لواقع هؤلاء المجرمين يحتّم علينا معاقبتهم عقوبة تزجر عن الفساد ونُرضي بها ربنا سبحانه، ولأننا تلقينا الفتاوى التي تبين جزاء هؤلاء منهم ما هو مشافهة من عدد من العلماء ومنهم ما هو محرر من عدد آخر من كبار العلماء وفيها قولهم ما نصه:
نفيدكم ـ سلمكم الله ـ أن هؤلاء لهم حكم المحاربين الذين قال الله فيهم (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) وقال العلماء في فتواهم: وما دام الجميع اعترفوا بجريمتهم بالقتل والفساد في حرم الله فيجوز للإمام قتلهم.
تقــول الفتوى الثانيـــة: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبيه محمّد وعلى آله وصحبه، وبعد، ففي يوم ثلاثاء اليوم الأول من شهر المحرم عام أربعمائة وألف من الهجرة دعانا نحن الموقعون أدناه جلالة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، فاجتمعنا لدى جلالته في مكتبه، وأخبرنا أن جماعة في فجر هذا اليوم بعد صلاة الفجر مباشرة دخلوا المسجد الحرام مسلّحين واغلقوا أبواب الحرم وجعلوا عليها حراساً مسلحين منهم وأعلنوا طلب البيعة لمن سموه المهدي وبدأوا مبايعته ومنعوا الناس من الخروج من الحرم وقاتلوا من مانعهم وأطلقوا النار على أناس داخل المسجد وأصابوا غيرهم، وانهم لا يزالون يطلقون النار على الناس خارج المسجد، واستفتانا بشأنهم وما يعمل فيهم، فأفتيناه بأن الواجب دعوتهم الى الاستسلام ووضع السلاح، فإن فعلوا قبل منهم وسجنوا حتّى ينظر في أمرهم شرعاً، فإن امتنعوا وجب اتخاذ كافة الوسائل للقبض عليهم، حتّى لو ادى ذلك الى قتالهم وقتل من لم يحصل القبض عليه منهم الا بذلك لقوله تعالى: (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم ويشقّ عصاكم فاضربوا عنقه) رواه مسلم، والآيات والأحاديث كثيرة في هذا المعنى، ونسأل الله تعالى أن يعلي كلمته وينصر دينه وأن يخذل من أراد الإسلام والمسلمين بسوء، وأن يشغله بنفسه انه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم ومرة أخرى أحس آل سعود بأن هذه الفتوى غير كافية وغير مقنعة للرأي العام، فألحقوها بفتوى ثالثة أكثر انضباطاً ووضوحاً وأدق صياغة من الجانب الفقهي جاء فيها: (الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمّد وعلى آله وصحبه، نسأل الله أن ينصر دينه ويُعلي كلمته ويخذل من أراد الإسلام والمسلمين سوءاً، وأن يُعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يكبت من أراد الفساد والالحاد في حرم الله وانتهاك حرمته وسفك دماء المسلمين، وبعد.. فإن هذا العمل الشنيع الذي قامت به هذه الطائفة الظالمة التي انتهكت حرمة الله وأقدس بقعة في أرضه وسفكت فيه الدم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام وفي رحاب الكعبة المشرفة وروّعت المسلمين الآمنين في أمن الله وحرمه، عملٌ مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإجماع الأمة، ويعتبر منكراً عظيماً واجراماً شنيعاً وإلحاداً في حرم الله الذي قال الله فيه: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) وقال سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)، وصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ان الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله الى يوم القيامة وإنها لم تحلّ لأحد بعدي وإنما أحلّت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلّغ الشاهدُ الغائبَ، متّفق عليه.. وهذه الطائفة تجرأت على مخالفة أمر الله وأمر رسوله وإجماع الأئمة، ولذلك سأل ولاة الأمور عن الحكم لمكافحة شر هؤلاء، فصدرت الفتوى الشرعية بأن على ولي الأمر يقضي على فتنتهم باتّخاذ كافّة الوسائل ولو أدّى ذلك إلى مقاتلتهم إن لم يندفع شرهم الاّ بذلك، لقوله تعالى: (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) وهذه الآية وإن كانت نازلة في الكفار فإن حكمها شامل لهم ولغيرهم ممّن فعل فعلتهم فاستحلّ القتال في الحرم، بإجماع العلماء ولقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقّ عصاكم فاضربوا عُنقه كائناً من كان).
وهذا حكم من يدّعي أنه المهدي وغيره، وهذه الطائفة أرادت شقّ عصا المسلمين وتفريق كلمتهم والخروج على إمامهم، فدخلت في عموم الحديث وغيره من النصوص الشرعية الدالّة على معناه، وولاة الأمور وفّقهم الله لكل خير مشكورين على ما قاموا به من جهد لاخماد هذه الفتنة والقضاء عليها، فنسأل الله أن يعزّ بهم الإسلام والمسلمين وأن يوفّقهم لما فيه صلاح البلاد والعباد إنه سميع مجيب وصلى الله على سيدنا محمّد وآله وصحبه وسلم.وقد وقع على هذه الفتوى 27 عالماً على رأسهم عبد العزيز بن باز.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ومن الواضح أن نصّ الفتوى الأخيرة يختلف عن الفتاوى السابقة بتركيزه على الاستشهاد بالكتاب والحديث على إدانة المتمردين، وبذلك نلحظ طغيان الطابع الفقهي فيها على خلاف غيرها مما شابه القرارات التي تصدرها المحاكم الرسمية. الواضح أن هذا العالم لا يلقي باللوم على المنهج السلفي، وإنما يحاول أن يلقي باللائمة على فكر الاخوان المسلمين المصري الذي يعتبره دخيلاً على السلفية السعودية، وبالتالي يعتبره من عوامل التخريب والهدم الفكري، وقد فاته أن فكر الاخوان لم يكن ليؤثر في عقول الشباب المتعلم والمثقف ثقافة دينية جامعية رصينة، لو لا أن هذه الثقافة بما تحمله من عوامل التعصب من الهشاشة والضعف بحيث لم تستطع الصمود أمام الفكر الاخواني الدخيل الذي يمتاز عن السلفية السعودية بأنه يرفض الرضوخ لسياسة الحاكم، ويسعى إلى تأسيس دولة إسلامية يمرّر من خلال سياستها الفكر التكفيري المقيت.
وصدرت صحيفة السياسة الكويتية بمانشيت عريض يقول: (المعتدون على الحرم من الاخوان المسلمين)،[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ثم اتّهمت صحيفة الرأي العام جماعة التكفير والهجرة بالوقوف وراء الحادث، مشيرة إلى أن الجماعة أحد فصائل الاخوان المسلمين بمصر أما الصحف المصرية فقد اتّهمت إيران وروسيا وليبيا واليمن الجنوبي، فذكرت صحيفة الاهرام أن هناك احتمالين: أحدهما أن تكون الجماعة من أنصار الإمام الخميني قدس سره، والآخر أن العملية ربما كانت بتدبير عناصر شيعية متعاطفة مع الخميني.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] واتهمت صحيفة الجمهورية نقلاً عن مصادر أجنبية كلاً من ليبيا وروسيا وعدن بالتخطيط للحادث،[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وقد تبنت الصحف المصرية هذا الموقف لأن السادات كان في حالة عداء مع السعودية في تلك الفترة، ومن ثم فقد وجهت اتهاماتها لخصومه المعارضين لسياسته تجاه اسرائيل. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وعلى الأرجح أن المهدي السعودي الجديد (جهيمان العتيبي) كان معارضاً سياسياً استخدم فكرة المهدي بهدف احتلال الحرم الشريف، وسواء كان متأثراً بغيره كالاخوان المسلمين أو لم يكن متأثراً، فهو يمثل الوجه الحقيقي لنظام وهّابي وفكر سلفي متطرّف حاول إدانة سياسة دولته التي تذرّعت بالفقهاء في تمشية أمورها، هؤلاء الفقهاء الذين أفتوا دون تردد بوجوب قتل اتباعه على أنهم مفسدون في الأرض ومنتهكون لحرمة الحرم في الشهر الحرام وفي البلد الحرام.